فصل: نبذة من زهده صلى الله عليه وسلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.نبذة من زهده صلى الله عليه وسلم:

كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد النَّاس، ويكفيك فِي تعريف ذَلِكَ أن فقره صلى الله عليه وسلم كَانَ كَانَ فقر اختياري لا فقر اضطراري. لأنه صلى الله عليه وسلم فتحت عَلَيْهِ الفتوح وجلبت إليه الأموال، ومَاتَ ودرعه مرهونة عَنْدَ يهودى فِي نفقة عياله، وَهُوَ يدعو: اللَّهُمَّ اجعل رزق آل مُحَمَّد قوتًا. وقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عَنْهَا: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعًا من خَبْزٍ حَتَّى مضى لسبيله، ولو شَاءَ لأعطاه الله ما لا يخطر ببال. وعَنْهَا قَالَتْ: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا ولا شاة ولا درهمًا ولا بعيرًا ولَقَدْ مَاتَ وما فِي بيتي شَيْء يأكله ذو كبد الا شطرشعير في رف لي. وقَالَ لي: «إني عرض عليَّ ربِّي أن يجعل لي بطحاء مَكَّة ذهبًا، فَقُلْتُ: لا يارب أجوع يَوْمًا وأشبع يَوْمًا، فأما الْيَوْم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك وادعوك، وأمَّا الْيَوْم الذي أشبع فيه فأحمدك وأثني عَلَيْكَ». وعَنْهَا قَالَتْ: إن كنا آل مُحَمَّدٍ لنمكث شهرًا ما نستوقَدْ نارًا، إن هُوَ إلا التمر والماء.
وعَنْهَا قَالَتْ: لم يمتل جوف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شبعًا قط، ولم يبث إِلَى أحد شكوى.
وكَانَتْ الفاقة أحب إليه من الغنى، وإن كَانَ ليظِلّ جائعًا يلتوي طول ليلته من الجوع، فلا يمنعه من صيام يوم ولو شَاءَ لسأل ربه جميع كنوز الأَرْض وثمارها ورغد عيشها ولَقَدْ كنت أبكي لَهُ رحمة مِمَّا أرى به وامسح بيدي على بطنه مِمَّا به من الجوع، وأَقُول نفسي لَكَ الفداء، لو تبلغت من الدُّنْيَا بما يقوتك. فَيَقُولُ: «يَا عَائِشَة ما لي وللدنيا، إخواني أولو العزم من الرسل صبروا على ما هُوَ أشد من هَذَا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم وأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم.
وأجدني أستحي إن ترفهت فِي معيشتي إن يقصرني غدًا دونهم وما من شَيْء أحب إِلَى من اللحوق بإخواني وإخلائي»
. قَالَتْ: فما قام بعد إلا شهرًا ثُمَّ توفي صلى الله عليه وسلم.
وعن عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قط غداء لعشاء ولا عشاء قط لغداء. ولا اتخذ من شَيْء زوجين لا قميصين ولا ردائين ولا إزارين ومن النعال، ولا رئي قط فارغًا فِي بيته إما يخصف نعلاً لرجل مسكين أَوْ يخيط ثوبًا لأرملة.
وعن أَنَس بن مالك أن فاطمة عَلَيْهَا السَّلام جاءت بكسرة خبز إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: «ما هَذِهِ الكسرة يَا فاطمة؟» قَالَتْ: قرص خبزته فلم تطب نفسي حَتَّى أتيك بهذه الكسرة، فقَالَ: «أما إنه أول طعام دخل فم أبيك مُنْذُ ثلاثة أيام».
وروى مُسْلِم عَنْ النعمان قال: ذكر عمر ما أصاب النَّاس من الدُّنْيَا، فقَالَ: لَقَدْ رَأَيْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظِلّ يلتوي ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إن كَانَ ليمر بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأهلة ما يسرج فِي بيت أحد مِنْهُمْ سراج ولا يوقَدْ فيه نار إن وجدوا زيتًا ادهنوا به وإن وجدوًا ودكًا أكلوه. رَوَاهُ أبو يعلى ورواته ثقاة.
وعن عَبْد اللهِ بن مسعود قَالَ: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقَدْ أثر فِي جنبه، قلنا: يَا رَسُولَ اللهِ لو اتخذنا لَكَ وطاء. فقَالَ: «ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظِلّ تحت شجرة ثُمَّ راح وتركها». رَوَاهُ ابن ماجة والترمذي وحسنه.
قَالَ عُمَر بن الْخَطَّاب: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على حصير فجلست فإذا عَلَيْهِ إزاره ولَيْسَ عَلَيْهِ غيره وَإِذَا الحصير قَدْ أثر فِي جنبه. وإذا أَنَا بقبضة من شعير نَحْوَ الصاع وقرظ فِي ناحية الغرفة، وَإِذَا أهاب معلق الاهاب: الجلد، فابتدرت عيناي. فقَالَ: «ما يبكيك يَا ابن الخطاب؟» فَقُلْتُ: يَا نبى الله وما لي لا أبكي وَهَذَا الحصير قَدْ أثر فِي جنبك وهذه خزانتك لا أرى إلا ما أرى، وذاك كسرى وقيصر فِي الثمار والأنهار وأَنْتَ نبي الله وصفوته وهذه خزانتك.
قَالَ: «يا ابن الخطاب أما ترضى أن تَكُون لَنَا الآخِرَة ولهم الدُّنْيَا». رَوَاهُ ابن ماجة بإسناد صحيح والحاكم وقَالَ: على شرط مُسْلِم.
روى مُسْلِم فِي صحيحه عَنْ عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فِي رفي من شَيْء يأكله إلا شطر شعير فِي رف لي فأكلت منه حَتَّى طال عليَّ فكلته ففنى.
عَنْ ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاء، وكَانَ عامة خبزهم الشعير.
عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يشد صلبه بالحجر من الغرث أي الجوع.
بينما عَائِشَة رضي الله عَنْهَا تحدث ذات يوم إذ بكت قِيْل لها: ما يبكيك يَا... أم الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: ما ملأت بطني من طعام فشئت أن أبكي إلا بكيت أذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كَانَ فيه من الجهد.
وعَنْهَا أيضًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تأتى عَلَيْهِ أربعة أشهر ما يشبع من خبز بر.
وعَنْهَا أيضًا: قَالَتْ ما شبع آل مُحَمَّد ثلاثًا من خبز بر حَتَّى قبض وما رفع عَنْ مائدته كسرة فضلاً حَتَّى قبض.
عن الحسن البصرى قَالَ: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقَالَ: «والله ما أمسى فِي آل مُحَمَّد صاع من طعام». وأنها لتسعة أبيات بيوت زوجاته، وَاللهِ ما قالها استقلالاً لرزق الله ولكن أراد أن تتأسى به أمته.
عن ابن عباس قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ كَانَ يأتي على آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الليالي ما يجدون فيها عشاء.
عن عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي يوم مرتين حَتَّى لحق بِاللهِ، ولا رفعنا لَهُ فضل طعام عَنْ شبع حَتَّى لحق بِاللهِ إلا أن نرفعه لغائب فقِيْل لها: ما كَانَتْ معيشتكم؟ قَالَتْ: الأسودان: الماء والتمر. وقَالَتْ: وكَانَ لَنَا جيران من الأنصار لَهُمْ ربائب يسقوننا من لبنها، جزاهم الله خيرًا.
عن أَنَس بن مالك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يجمع لَهُ غذاء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف.
اللَّهُمَّ نور قلوبنا بنور الإِيمَان وأعنا على أنفسنا والشيطان وآيسه منا كما آيسته من رحمتك يَا رحمان وآتنا فِي الدُّنْيَا حسُنَّة وَفِي الآخِرَة حسُنَّة وقنا عذاب النار وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فَصْل:
عن أَنَس بن مالك قَالَ: شهدت للنبي صلى الله عليه وسلم وليمة ما فيها خبز ولا لحم.
وعن أَنَس بن مالك قَالَ: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رغيفًا مرفقًا بعينه حَتَّى لحق بربه ولا شاة سميطًا قط.
عن عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: ما اجتمَعَ فِي بطن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طعامان فِي يوم قط، إن أكل لحمًا لم يزد عليه، وإن كان تمرًا لم يزد عَلَيْهِ، وإن أكل خبزًا لم يزد عَلَيْهِ. وكَانَ رجلاً مسقامًا، وكَانَتْ الْعَرَب تنعت لَهُ فيتداوى بما تنعت لَهُ الْعَرَب وكَانَتْ العجم تنعت لَهُ فيتداوى.
عن أبي نضر قَالَ: سمعت عَائِشَة رضي الله عَنْهَا تَقُول: إني لجالسة مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي البيت. فأهدى لَنَا أَبُو بَكْرٍ رجل شاة فإني لا قطعها مَعَ رسول الله في ظلمة البيت. فقَالَ لها قائل: أما كَانَ لكم سراج؟ فقَالَتْ: لو كَانَ لَنَا ما يسرج به أكلناه.
عَنْ عروة عَنْ عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت فِي يوم مرتين.
عن عَائِشَة قَالَتْ: بلغني أن الرجل منكم يأكل من ألوان الطعام حَتَّى يلتمس لِذَلِكَ دواء يمرئه. فذكرت نبيكم صلى الله عليه وسلم فذاك الذي أبكاني، خَرَجَ من الدُّنْيَا ولم يملأ بطنه فِي يوم طعامين: كَانَ إِذَا شبع من التمر لم يشبع من الخبز، وَإِذَا شبع من الخبز لم يشبع من التمر.
عن أَنَس بن مالك قَالَ: ما يرفع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شَيْء قط ولا حملت معه طنفسة يجلس عَلَيْهَا.
أخبرني الأعرج عَنْ أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يجوع. قُلْتُ: لأبي هريرة وكيف ذَلِكَ الجوع؟ قَالَ: لكثرة من يغشاه وأضيافه، وقوم يلزمونه لِذَلِكَ، فلا يأكل طعامًا أبدًا إلا ومعه أصحابه، وأَهْل الحاجة يتبعونه من المسجد. فَلَمَّا فتح الله خيبر اتسع النَّاس بَعْض الاتساع، وفي الأَمْر بعد ضيق والمعاش شديد. هِيَ بلاد ظلف لا زرع فيها، إنما طعام أهلها التمر، وعلى ذَلِكَ أقاموا.
ورُوي عَنْ جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حضرنا عرس علي وفاطمة فما كَانَ عرسًا كَانَ أحسن منه حشونا الفراش يعني من الليف وأوتينا بتمر وزيت فأكلنا وكَانَ فراشها ليلة عرسها إهاب كبش. رَوَاهُ الْبَزَار... الاهاب: الجلد.
عن عامر الشعبي قَالَ: قَالَ علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَقَدْ تزوجت فاطمة وما لها ولي فراش غير جلد كبش ننام عَلَيْهِ بالليل ونعلف عَلَيْهِ الناضح بالنَّهَارَ وما لي ولها خادم غيرها.
وعن علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرتين.
فقَالَ علي لفاطمة ذات يوم: وَاللهِ سنوت حَتَّى اشتكيت صدري، المعنى تعبت من إخراج الماء من البئر وقَدْ جَاءَ الله بسبي فاذهبي فاستخدميه، أي اطلبي منه خادمًا فقَالَتْ: وأنَا وَاللهِ لَقَدْ طحنت حَتَّى مجلت يدي من الْعَمَل. فأتت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: «ما جَاءَ بك وما حاجتك أي بنية». قَالَتْ: جئت لأسلم عَلَيْكَ واستحيت أن تسأله فرجعت.
فقَالَ علي: ما فعلت؟ قَالَتْ: استحيت أن أسأله، فأتياه جميعًا فقَالَ علي: يَا رَسُولَ اللهِ: وَاللهِ لَقَدْ سنوت حَتَّى اشتكيت صدري. وقَالَتْ فاطمة: لَقَدْ طحنت حَتَّى مجلت يداي، وقَدْ جاءك الله عَزَّ وَجَلَّ بسبي وسعة فاخدمنا.
فقَالَ: «وَاللهِ لا أعطيكما وادع أَهْل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عَلَيْهمْ ولكني أبيعهم وأنفق عَلَيْهمْ».
فرجعا وآتاهما النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقَدْ دخلا فِي قطيفتهما إِذَا غطيا رؤسهما تكشفت أقدامهما، وَإِذَا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما فثارا فقَالَ: «مكانكما».
ثُمَّ قَالَ: «ألا أخبركما بخَيْر مِمَّا سألتماني». قالا: بلى. قَالَ: «كلمَاتَ علمنيهن جبريل تسبحان فِي دبر كُلّ صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبران عشرًا. وإذا أويتما إِلَى فراشكما، فسبحا ثلاثًا وثلاثين وأحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين». وقَالَ: فو الله ما تركتهن مُنْذُ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن بريدة قَالَ: سمَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يَقُولُ: اللَّهُمَّ إني أسألك بأني أشهد أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إله إلا أَنْتَ الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لَهُ كفوًا أحد.
فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لَقَدْ سأل الله باسمه الأعظم الَّذِي إِذَا دعي به أجاب وَإِذَا سئل به أعطى». أَخْرَجَهُ أبو داود والترمذي.
وعن أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دعا رجل فقَالَ: اللَّهُمَّ إني أسألك بأن لَكَ الحمد لا إله إلا أَنْتَ الحنان المنان بديع السموات والأَرْض ذو الجلال والإكرام يَا حي يَا قيوم.
فقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أتدرون بما دعا؟» قَالُوا: الله ورسوله أعْلَمُ. قَالَ: «والذي نفسي بيده لَقَدْ دعا الله باسمه الأعظم الذي إِذَا دعي به أجاب وَإِذَا سئل به أعطى». أَخْرَجَهُ أصحاب السُّنَن.
عن سعد بن أبي وقاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعى وَهُوَ فِي بطن الحوت لا إله إلا أَنْتَ سبحانك إني كنت من الظالمين. فإنه لم يدع بها رجل مُسْلِم فِي شَيْء قط إلا استجاب لَهُ». رَوَاهُ الترمذي والنسائي والحاكم وقَالَ: صحيح الإسناد.
وعن معاوية بن أبي سفيان قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «من دعا بهؤلاء الكلمَاتَ الخمس لم يسأل الله شَيْئًا إلا أعطاه: لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك لَهُ، له الملك وله الحمد وَهُوَ على كُلّ شَيْء قدير، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة الا بِاللهِ». رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بإسناد حسن.
وعن معاذ بن جبل قَالَ: سمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً وَهُوَ يَقُولُ: يَا ذا الجلال والإكرام فقَالَ: «قَدْ استجيب لَكَ فسل». رَوَاهُ الترمذي.
قَالَ أحد الْعُلَمَاء: إن الذكر باعتباره وسيلة القرب من الله هُوَ دَائِمًا دعاء، وإن الدُّعَاء وَهُوَ التضرع والخضوع لله تَعَالَى وَهُوَ دَائِمًا ذكر.
ولَيْسَ بينهما من فرق إلا فِي اللون والشكل.
وقَدْ وردت الآثار بما تَقُول: فقَدْ ورد فِي الأحاديث الشريفة أن الله تَعَالَى يَقُولُ: «من شغله القران وذكري عَنْ مسألتِي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين».
وقَدْ ورد فِي القران الكريم عَنْ سيدنا يونس أنه حينما التقمه الحوت نجاه تسبيحه: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
وفي سورة نون يندم أصحاب الْجَنَّة- الحديقة- التِي طاف عَلَيْهَا طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم.. على أنهم لم يكونوا من المسبحين، وخاطبهم أوسطهم قائلاً: {أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ}.
والاستغفار؟.
أنه ذكر لا يتضمن دعاء لفظيًا ولكن الثمرات المترتبة عَلَيْهِ هائلة نفسية.
يَقُولُ تَعَالَى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}.
إن الاستغفار ثمرته:
(1) المغفرة.
(2) والغيث: المطر الذي يروي الأَرْض فينبت الزرع ويروي به النَّاس والأنعام ظمأهم
(3) وإمداد الله للمستغفر بالأموال.
(4) إمداده بالبنين.
وأكثر من ذَلِكَ....
يَقُولُ الله تَعَالَى: {اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}، من ثماره إِذًا زيادة القوة.
اللَّهُمَّ طهر قلوبنا من النفاق وعملنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة وآذاننا عَنْ الاستماع إِلَى ما لا يرضك وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وألحقنا بِالصَّالِحِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْل:
ولَقَدْ حدث فِي مصر إن أحد الأثرياء الصالحين لم يجد سبيلاً- فِي فترة من الفترات- لري أرضه، وكاد الزرع يصبح حطامًا، فجلس الرجل وسط مزرعته الفسيحة.. وقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتُ وقولك الحق: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً} وها أَنَا ذا يَا رب استغفرك راجيًا أن تفيض عَلَيْنَا من رحمتك.
ثُمَّ أخذ فِي الاستغفار.. ومضت ساعات وَهُوَ يتابع الاستغفار فِي همة وَفِي ثقة بموعود الله تعالى، وَإِذَا بالسماء تتلبد بالغيوم.. وَإِذَا بالمطر ينزل فياضًا مدرارًا.
ومن المعروف أن الصالحين حينما يصبهم ضعف يلجؤون إِلَى الله باستغفار فيتحقق لَهُمْ وعده: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}.
ولَيْسَتْ هَذِهِ فحسب ثمار الاستغفار.. وَذَلِكَ أنه أيضًا يمنع أن يصيب الْعَذَاب الإِنْسَان.
(6) {وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
(7) ثُمَّ.. يَقُولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله لَهُ من كُلّ هم فرجًا، ومن كُلّ ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وثمار الاستغفار أوسع من ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَة.
وألم يقل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «أفضل الدُّعَاء: الحمد لله؟». والحمد لله، ألَيْسَتْ ذكرًا؟
وإذا كَانَ من الذكر ما هُوَ دعاء، أَوْ إِذَا كَانَ الذكر كله دعاء.. فَإِنَّ الدُّعَاء أيضًا يكون بغير الدُّعَاء اللفظي وبغير الذكر:
فلإكثار من التوبة دعاء وذكر، ويترتب على الإكثار منه ما يَقُولُ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}.
وإذا أحب الله عبدًا من عباده بسبب الإكثار من التوبة فإنه يترتب على هَذَا الحب آثاره.
«فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمَعَ به، وبصره الذي يبصر به، ويده التِي يبطش بها، ورجله التِي يمشئ بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه».
وإذا كَانَتْ التوبة ذكرًا أَوْ دعاء فإن التقوى دعاء نفيس.
ألا تَرَى ما يَقُولُ الله تَعَالَى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}؟
إن الله سُبْحَانَهُ يجعل لَهُ مخرجًا من كُلّ هم وضيق وأزمة بسبب تقواه ويرزقه الله من حيث يدري ولا يدري وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}.
ييسر سُبْحَانَهُ أموره كُلّهَا.
وَيَقُولُ الله تَعَالَى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}.
انتهى.
قصيدة: فيها تضرع إِلَى رب العزة والجلال والكبرياء والعظمة:
يَا ذَا الْجَلالِ وَيَا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ ** قَدْ جِئْتُكَ خَائِفًا مِنْ زَلَّةِ الْقَدَمِ

ذَنْبِي عَظِيمٌ وَأَرْجُو مِنْكَ مَغْفِرَةً ** يَا وَاسِعَ الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ وَالْكَرَمِ

دَعَوْتُ نَفْسِى إِلَى الْخَيْرَاتِ فَامْتَنَعَتْ ** وَأَعْرَضَتْ عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالنِّعَمِ

خَسِرْتُ عُمْرِي وَقَدْ فَرَّطْتُ فِي زَمَنِي ** فِي غَيْرِ طَاعَةِ مَوْلاي فَيَا نَدَمِي

حَمَلْتُ ثِقْلاً مِنْ الأَوْزَارِ فِي صِغَرِي ** يَا خَجَلِي فِي غَدٍ مِنْ زَلَّةِ الْقَدَمِ

رَاحَ الشَّبَابُ وَوَلَّى الْعُمْرِ فِي لَعِبٍ ** وَمَا تَحَصَّلْتُ مِنْ خَيْرِ وَلَمْ أَقُمِِ

زَمَانَ عَزْمِي قَدْ ضَيَّعْتُهُ كَسَلاً ** وَالْعُمْرُ مِنِّي انْقَضَى فِي غَفْلَةِ الْحُلُمِ

قَدْ انْقَضَتْ عَيْشَتِي بِالذُّلِّ وَاأَسَفِي ** إِنْ لَمْ تَجِدْ خَالِقِي بِالْعَفْوِ وَالْكَرَمِ

ذِي حَالَتِي وَانْكِسَارِي لا تُخَيِّبُنِي ** إِذَا وَقَعْتُ ذَلِيلاً حَافِي الْقَدَمِ

أَتَيْتُ بِالذُّلِ وَالتَّقْصِير وَالنَّدمِ ** أَرْجُو الرِّضَا مِنْكَ بِالْغُفْرَانِ وَالْكَرَمِ

سَارَ المجدُّونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَاجْتَهَدُوا ** يَا فَوْزَهُم غَنِمُوا الْجَنَّاتِ وَالنَّعَمِ

شِفَاءُ قَلْبِي ذِكْرُ اللهِ خَالِقِنَا ** يَا فَوْزَ عَبْدٍ إِلَى الْخَيْرَاتِ يَسْتَقِمِ

صَفَتْ لأَهْلِ التُّقَى أَوْقَاتُهُم سَعِدُوا ** نَالُوا الْهَنَا وَالْمُنَى بِالْخَيْرِ وَالْكَرَمِ

ضَيَّعْتُ عُمْرِي وَلا قَدَّمْتُ لِي عَمَلاً ** أَنْجُو بِهِ يَوْمَ هَوْلِ الْخَوْفِ وَالزَّحَمِ

طُوبَى لِعَبْدٍ أَطَاعَ اللهَ خَالِقَهُ ** وَقَامَ جَنْحَ الدُّجَى بِالدَّمْعِ مُنْسَجِمِ

ظَهْرِي ثَقِيْلٌ بِذَنْبِي آهِ وَاأَسَفِي ** يَوْمَ اللِّقَاءِ إِذْ الأَقْدَامُ فِي زَحَمِ

أَرْجُوكَ يَا ذَا الْعُلا كَرْبِي تُفَرِّجُهُ ** وَاشْفِ بِفَضْلِكَ لِي لِلْوَايَ مَعَ سَقَمِي

غَفَلْتُ عَنْ ذِكْرِ مَعْبُودِي وَطَاعَتِهِ ** وَقَدْ مَشِيتُ إِلَى الْعِصْيَانِ فِي هِمَمِ

فَاغْفِرْ ذُنُوبِي وَكُنْ يَا رَبِّ مُنْقِذَنَا ** مِن الشَّدَائِدِ وَالأَهْوَالِ وَالتُّهَمِ

قَدْ اثْقَلَتْنِي ذُنُوبِي مَا لَهَا أَحَدٌ ** سِوَاكَ يَا غَافِرَ الزَّلاتِ وَاللِّمَمِ

كُنْ مُنْجِدِي يَا إِلَهِي وَاعْفُ عَنْ زَلَلِي ** وَتُبْ عَلَيَّ مِن الآثَامِ وَاللِّمَمِ

لاحَ الْمَشِيبُ وَوَلَّى الْعُمْرُ فِي لَعِبٍ ** وَصِرْتُ مِنْ كُثْرَةِ الأَوْزَارِ فِي نَدَمِ

مَضَى زَمَانِي وَمَا قَدَّمْتُ مِنْ عَمَلٍ ** يَا خَجْلَتِي مِنْ إِلَهِي بَارِيَ النَّسَمِ

نَامَتْ عُيُونِي وَأَهْلُ الْخَيْرِ قَدْ سَهِرُوا ** أَجْفَانُهُمْ فِي ظَلامِ اللَّيْلِ لَمْ تَنَمِ

قَامُوا إِلَى ذِكْرِ مَوْلاهُم فَقَرَّبَهُمْ ** وَخَصَّهُمْ بِالرِّضَا وَالْفَضْلِ وَالْكَرَمِ

وَلَيْسَ لِي غَيْرَ الْخالقِ مِنْ سَنَدٍ ** أَرْجُوهُ يُولِينِي بِالْغُفْرَانَ وَالْكَرَمِ

لا ارْتَجِي أَحَدًا يَوْمَ الزِّحَامِ سِوَى ** رَبِّ الْبَرِيَّةِ مَوْلى الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ

ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ ** مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى الْمَخْصُوصِ بِالْكَرَم

اللَّهُمَّ انهج بنا مناهج المفلحين وألبسنا خلع الإِيمَان واليقين، وخصنا منك بالتَّوْفِيق المبين، وَوَفِّقْنَا لقول الحق وإتباعه، وخّلصنا مِنَ الْبَاطِلِ وابتداعه، وكن لَنَا مؤيدًا، ولا تجعل لفاجر عَلَيْنَا يدًا، واجعل لَنَا عيشًا رغدًا، ولا تشمت بنا عدوًا ولا حاسدًا، وارزقنا عِلْمًا نافعًا وعملاً متقبلاً، وفهمًا ذكيًا صفيًا وشفاء من كُلّ داء، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يا أرحم الراحمين. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اجعلنا مكثرين لذكرك مؤدين لحقك حافظين لأَمْرِكَ راجين لوعدك راضين فِي جميع حالاتنا عنك، راغبين فِي كُلّ أمورنا إليك مؤملين لفضلك شاكرين لنعمك، يَا من يحب العفو والإحسان، ويأمر بهما اعف عنا، وأحسن إلينا فإنك بالذي أَنْتَ له أَهْل من عفوك أحق منا بالذي نَحْنُ لَهُ أَهْل من عقوبتك.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ رجاءك فِي قلوبنا، واقطعه عمن سواك، حَتَّى لا نرجو غيرك ولا نستعين إلا إياك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ويا أكرم الأكرمين.
اللَّهُمَّ أحينا فِي الدُّنْيَا مؤمنين طاعئين وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ تائبين، اللَّهُمَّ أعذنا من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرِّجَال وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.